قال رحمه الله: "فقد تضمن العلو الذي ينعت به نفسه في كتابه أنه متعالٍ عما لا يليق به من الشركاء والأولاد، فليس كمثله شيء، وهذا يقتضي ثبوت صفات الكمال له دون ما سواه، وأنه لا يماثله غيره في شيء من صفات الكمال، بل هو متعالٍ عن أن يماثله شيء، وتضمن أنه عالٍ على كل ما سواه، قاهر له، قادر عليه، نافذةٌ مشيئته فيه، وأنه عالٍ على الجميع فوق عرشه -أي: له علو الذات سبحانه وتعالى- فهذه ثلاثة أمور في اسمه العلي، وإثبات علوه -علوه على ما سواه وقدرته عليه وقهره- يقتضي ربوبيته له وخلقه له، وذلك يستلزم ثبوت الكمال، وعلوه عن الأمثال يقتضي أنه لا مثل له في صفات الكمال".
ومما يقتضيه علوه سبحانه: إثبات الربوبية له، وألا يعبد إلا هو، وألا يتخذ رب سواه، وأنه وحده الخالق دون ما سواه، وكونه مُتعالياً عن أن يكون له مثيل أو سمي أو شبيه أو نظير يقتضي أنه لا مثل له في صفات الكمال، وأنه وحده المتفرد بصفات الكمال، إذ لو شاركه معبود أو إله أو شيء غيره في صفات الكمال هذه لكانا إلهين، ولم يكونا إلهاً واحداً!! سبحانه وتعالى عما يشركون.
ثم يقول: "وهذا وهذا يقتضي جميع ما يوصف به في الإثبات والنفي، ففي الإثبات يوصف بصفات الكمال، وفي النفي ينزه عن النقص المناقض للكمال، وينزه عن أن يكون له مثل في صفات الكمال، كما قد دلت على هذا وهذا سورة الإخلاص ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ))[الإخلاص:1-2]".
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "فقد تبين أن اسمه الأعلى يتضمن اتصافه بجميع صفات الكمال، وتنزيهه عما ينافيها من صفات النقص، وعن أن يكون له مثل، وأنه لا إله إلا هو، ولا رب سواه" ((فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ))[المؤمنون:116].